تحليل قصيدة “لا تصالح” للشاعر أمل دنقل
قصيدة “لا تصالح” تعد واحدة من أبرز أعمال الشاعر المصري المعروف أمل دنقل، والذي يُدعى كامل محمد أمل فهيم محارب دنقل. وُلِد في صعيد مصر، وقد كتب هذه القصيدة في عام 1976م، كجزء من ديوانه “أقوال جديدة عن حرب البسوس”. تتكون القصيدة من عشرة مقاطع، وتُكتب على وزن الشعر التفعيلة.
تتعلق حياة دنقل بواقع مصر، فقد وُلِد في قرية القلعة في محافظة قنا، وتزوج من الصحفية عبلة الرويني التي ألفت كتابًا بعنوان “الجنوبي” عنه. توفي عام 1983م متأثراً بمرض السرطان. في قصيدته “لا تصالح”، يُعبر دنقل عن قضايا الواقع العربي المعاصر بصوت رفيع يوصل معاناة الشعب. يقول في بعض أبياته:
تحليل المقطع الأول
:لا تصالحْ!
:ولو منحوك الذهب
:أترى حين أفقأ عينيك
:ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
:هل ترى؟
:هي أشياء لا تشترى..
:ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
:حسُّكما فجأةً بالرجولةِ،
:هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
:الصمتُ مبتسمين لتأنيب أمكما.. وكأنكما
:ما تزالان طفلين!
:تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
:أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
:صوتانِ صوتَكَ
:أنك إن متَّ:
:للبيت ربٌّ
:وللطفل أبْ
:هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
:أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
:تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
:إنّها الحربُ!
:قد تثقل القلبَ..
:لكنّ خلفك عار العرب
:لا تصالحْ..
:ولا تتوخَّ الهرب!
في هذا المقطع، يُخاطب دنقل القادة العرب داعيًا إياهم إلى عدم المصالحة على دماء الشهداء، موضحًا أن هناك أشياء لا يمكن تقديرها بثمن، مثل الذكريات المشتركة بين الأفراد. يدعو الشاعر أيضًا إلى الإصرار على عدم التسامح على ما حدث، رغم الألم الذي تسببه الحرب.
تحليل المقطع الثاني
:لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
:لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
:أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
:أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
:أعيناه عينا أخيك؟!
:وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
:بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
:سيقولون:
:جئناك كي تحقن الدم..
:جئناك كن يا أمير الحكم
:سيقولون:
:ها نحن أبناء عم
:قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
:واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
:إلى أن يجيب العدم
:إنّني كنتُ لكَ
:فارسًا،
:وأخًا،
:وأبًا،
:ومَلِك!
هنا، يؤكد دنقل على أهمية عدم التساهل في دماء الشهداء مهما كانت المبررات. يعتبر أن الدماء ليست متساوية ويجب عدم القبول بأي تسوية. يدعو إلى الاستمرار في حالة الحرب حتى تتحقق العدالة.
تحليل المقطع الثالث
:لا تصالح..
:ولو حرمتكَ الرقاد
:صرخاتُ الندامة
:وتذكَّر..
:إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة
:أنّ بنتَ أخيك “اليمامة”
:زهرةٌ تتسربل في سنوات الصبا
:بثياب الحداد
:كنتُ، إن عدتُ:
:تعدو على دَرَجِ القصر،
:تمسك ساقيَّ عند نزولي..
:فأرفعها وهي ضاحكةٌ
:فوق ظهر الجواد
:ها هي الآن.. صامتةٌ
:حرمتها يدُ الغدر:
:من كلمات أبيها،
:ارتداءِ الثياب الجديدةِ
:من أن يكون لها ذات يوم أخٌ!
:من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
:وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
:وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
:لينالوا الهدايا..
:ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
:ويشدُّوا العمامة..
:لا تصالح!
:فما ذنب تلك اليمامة
:لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
:وهي تجلس فوق الرماد؟!
في هذا المقطع، يُسلط دنقل الضوء على المعاناة التي تعانيها النساء والأطفال كنتيجة للحرب. يتطرق لحرمان الطفلة من والدها، ويندهش من سبب معاناتها. يعكس مشاعر الفقد والحزن الناجم عن العنف.
تحليل المقطع الرابع
:لا تصالح
:ولو توَّجوك بتاج الإمارة
:كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ؟
:وكيف تصير المليكَ..
:على أوجهِ البهجة المستعارة؟
:كيف تنظر في يد من صافحوك..
:فلا تبصر الدم..
:في كل كف؟
:إنّ سهمًا أتاني من الخلف..
:سوف يجيئك من ألف خلف
:فالدم الآن صار وسامًا وشارة
:لا تصالح،
:ولو توَّجوك بتاج الإمارة
:إنّ عرشَك: سيفٌ
:وسيفك: زيفٌ
:إذا لم تزنْ بذؤابته لحظاتِ الشرف
:واستطبت الترف
يكرر دنقل هنا دعوته بعدم الصلح، مبرهنًا على أنه لا يحق لأحد أن يتوجَّه نحو السلام مع جريمة الدم. يشدد على أن شرف الأفراد ينقضه تعاملهم مع الذين تلطخت أيديهم بالدماء.
تحليل المقطع الخامس
:لا تصالح
:ولو قال من مال عند الصدامْ
:”ما بنا طاقة لامتشاق الحسام”
:عندما يملأ الحق قلبك:
:تندلع النار إن تتنفَّسْ
:ولسانُ الخيانة يخرس
:لا تصالح
:ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
:كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
:كيف تنظر في عيني امرأة..
:أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
:كيف تصبح فارسها في الغرام؟
:كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
:كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
:وهو يكبر بين يديك بقلب مُنكَّس؟
:لا تصالح
:ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
:وارْوِ قلبك بالدم..
:واروِ التراب المقدَّس..
:واروِ أسلافَكَ الراقدين..
:إلى أن تردَّ عليك العظام!
تشير هذه الأبيات إلى أن أي مصالحة قد تكون محكومة بالخيانة، وأن الشاعر يبرز أننا لا يجب أن نتوقع أمانًا مع الأعداء.
تحليل المقطع السادس
:لا تصالح
:ولو ناشدتك القبيلة
:باسم حزن “الجليلة”
:أن تسوق الدهاءَ
:وتُبدي لمن قصدوك القبول
:سيقولون:
:ها أنت تطلب ثأرًا يطول
:فخذ الآن ما تستطيع:
:قليلًا من الحق..
:في هذه السنوات القليلة
:إنّه ليس ثأرك وحدك،
:لكنّه ثأر جيلٍ فجيل
:وغدًا..
:سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
:يوقد النار شاملةً،
:يطلب الثأرَ،
:يستولد الحقَّ،
:من أَضْلُع المستحيل
:لا تصالح
:ولو قيل إن التصالح حيلة
:إنّه الثأرُ
:تبهتُ شعلته في الضلوع..
:إذا ما توالت عليها الفصول..
:ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
:فوق الجباهِ الذليلة!
يُوضح دنقل في هذا المقطع أن الصلح قد يُعتبر رغبة فردية، ويُجمل حق الأمة في عدم التساهل. يبين أيضًا أنه لا يمكن تجاهل الجيل الذي يأتي ويطالب بالثارات قديمًا.
تحليل المقطع السابع
:لا تصالحْ،
:ولو حذَّرتْك النجوم
:ورمى لك كهَّانُها بالنبأ
:كنت أغفر لو أنني متُّ
:ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ
:لم أكن غازيًا،
:لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
:لم أمد يدًا لثمار الكروم
يشير دنقل هنا إلى تجارب كُتاب التاريخ والنصيحة من الكهان. يُؤكد على أن الشهداء لم يكونوا معتدين، ولكنهم كانوا ضحايا لصراعات غير منصفة.
تحليل المقطع الثامن
:لا تصالحُ..
:إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
:النجوم.. لميقاتها
:والطيور.. لأصواتها
:والرمال.. لذراتها
:والقتيل لطفلته الناظرة
:كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
:الصبا – بهجةُ الأهل – صوتُ الحصان – التعرفُ بالضيف – همهمةُ القلب
:حين يرى برعمًا في الحديقة يذوي – الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ
:مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
:وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
:كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة..
:والذي اغتالني: ليس ربًّا..
:ليقتلني بمشيئته
:ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
:ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
:لا تصالحْ
:فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
لا تُنتقَصْ
:والذي اغتالني مَحضُ لصْ
:سرق الأرض من بين عينيَّ
:والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
يشير دنقل في هذا المقطع إلى أن أي صلح في ظل الظروف الحالية هو أمر غير ممكن. يدعو إلى عدم تقديم تنازلات ويعتبر أن الدم لا يُهمل.
تحليل المقطع التاسع والعاشر
:لا تصالح
:ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
:والرجال التي ملأتها الشروخ
:هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
:وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
:لا تصالح
:فليس سوى أن تريد
:أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
:وسواك.. المسوخ!
في نهاية القصيدة، يبرز دنقل فكرة أن الخيار بعدم المصالحة هو الخيار الصحيح ويؤكد على أن بولاءهم للصلح مع الأعداء هو مدعاة للخيانة.
شرح مفردات قصيدة “لا تصالح”
تحتوي قصيدة “لا تصالح” على عدة مفردات بحاجة للتوضيح، ومنها:
المفردة | معنى المفردة |
أفقأ | يعني ثقب الشيء بشيء حاد. |
تأنيب | هو اللوم الشديد على الخطأ. |
ملطخ | يعني لوّث الشيء بشيء ما. |
هلَك | يعني مات وفني. |
تتسربل | يعني ارتدى الملابس. |
ذؤابته | تشير إلى ما يُعلق به السيف عادة. |
انفثأ | يعني فجر وانتهى. |
الزنيم | يعني الدعي الذي لا ينتمي إلى قومه. |
المسوخ | جمع مِسخ، وهو الذي تغيّرت خلقت ه. |
الصور الفنية في قصيدة “لا تصالح”
تحتوي قصيدة “لا تصالح” على العديد من الصور الفنية، منها:
- الحياء الذي يكبت الشوق: تم تشبيهه بإنسان يكبت، مما يدل على استعارة مكنية.
- اغرس السيف في جبهة الصحراء: يشير إلى استعارة مكنية حيث شبه الصحراء بالإنسان.
- أضلاع المستحيل: تشير إلى استعارة مكنية، حيث تم تشبيه المستحيل بإنسان له أضلاع.
الأفكار الرئيسية في قصيدة “لا تصالح”
تتضمن القصيدة عدة أفكار رئيسية، منها:
- الصلح يجب أن يكون بين ندين متساويين، وأي مصالحة مع الأعداء هي خضوع.
- إن دماء الشهداء تعتبر أمانة على عاتق الأمة، ويجب الحفاظ عليها.
- قرارات الأمة يجب أن تُتخذ بشكل جماعي، ولا يمكن أن يتحكم بها فرد واحد.
محتوى قصيدة “لا تصالح”
قال الشاعر أمل دنقل في قصيدته “لا تصالح”:
:لا تصالحْ!
:ولو منحوك الذهب
:أترى حين أفقأ عينيك
:ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
:هل ترى؟
:هي أشياء لا تشترى..
:ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
:حسُّكما فجأةً بالرجولةِ،
:هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
:الصمتُ مبتسمين لتأنيب أمكما.. وكأنكما
:ما تزالان طفلين!
:تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
:أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
:صوتانِ صوتَكَ
:أنك إن متَّ:
:للبيت ربٌّ
:وللطفل أبْ
:هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
:أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
:تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
:إنّها الحربُ!
:قد تثقل القلبَ..
:لكنّ خلفك عار العرب
:لا تصالحْ..
:ولا تتوخَّ الهرب!
**
:لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
:لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
:أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
:أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
:أعيناه عينا أخيك؟!
:وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
:بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
:سيقولون:
:جئناك كي تحقن الدم..
:جئناك كن يا أمير الحكم
:سيقولون:
:ها نحن أبناء عم
:قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
:واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
:إلى أن يجيب العدم
:إنّني كنتُ لك
:فارسًا،
:وأخًا،
:وأبًا،
:ومَلِك!
**
:لا تصالح..
:ولو حرمتك الرقاد
:صرخاتُ الندامة
:وتذكَّر..
:(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
:أنّ بنتَ أخيك “اليمامة”
:زهرةٌ تتسربل في سنوات الصبا
:بثياب الحداد
:كنتُ، إن عدتُ:
:تعدو على دَرَجِ القصر،
:تمسك ساقيَّ عند نزولي..
:فأرفعها وهي ضاحكةٌ
:فوق ظهر الجواد
:ها هي الآن.. صامتةٌ
:حرمتها يدُ الغدر:
:من كلمات أبيها،
:ارتداءِ الثياب الجديدةِ
:من أن يكون لها ذات يوم أخٌ!
:من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
:وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
:وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
:لينالوا الهدايا..
:ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
:ويشدُّوا العمامة..
:لا تصالح!
:فما ذنب تلك اليمامة
:لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
:وهي تجلس فوق الرماد؟!
**
:لا تصالح
:ولو توَّجوك بتاج الإمارة
:كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ؟
:وكيف تصير المليكَ..
:على أوجهِ البهجة المستعارة؟
:كيف تنظر في يد من صافحوك..
:فلا تبصر الدم..
:في كل كف؟
:إنّ سهمًا أتاني من الخلف..
:سوف يجيئك من ألف خلف
:فالدم الآن صار وسامًا وشارة
:لا تصالح،
:ولو توَّجوك بتاج الإمارة
:إنّ عرشَك: سيفٌ
:وسيفك: زيفٌ
:إذا لم تزنْ بذؤابته لحظاتِ الشرف
:واستطبت الترف
**
:لا تصالح
:ولو قال من مال عند الصدامْ
:”ما بنا طاقة لامتشاق الحسام”
:عندما يملأ الحق قلبك:
:تندلع النار إن تتنفَّسْ
:ولسانُ الخيانة يخرس
:لا تصالح
:ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
:كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
:كيف تنظر في عيني امرأة..
:أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
:كيف تصبح فارسها في الغرام؟
:كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
:كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
:وهو يكبر بين يديك بقلب مُنكَّس؟
:لا تصالح
:ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
:وارْوِ قلبك بالدم..
:واروِ التراب المقدَّس..
:واروِ أسلافَكَ الراقدين..
:إلى أن تردَّ عليك العظام!
**
:لا تصالح
:ولو ناشدتك القبيلة
:باسم حزن “الجليلة”
:أن تسوق الدهاءَ
:وتُبدي لمن قصدوك القبول
:سيقولون:
:ها أنت تطلب ثأرًا يطول
:فخذ الآن ما تستطيع:
:قليلًا من الحق..
:في هذه السنوات القليلة
:إنّه ليس ثأرك وحدك،
:لكنّه ثأر جيلٍ فجيل
:وغدًا..
:سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
:يوقد النار شاملةً،
:يطلب الثأرَ،
:يستولد الحقَّ،
:من أَضْلُع المستحيل
:لا تصالح
:ولو قيل إن التصالح حيلة
:إنّه الثأرُ
:تبهتُ شعلته في الضلوع..
:إذا ما توالت عليها الفصول..
:ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
:فوق الجباهِ الذليلة!
**
:لا تصالحْ،
:ولو حذَّرتْك النجوم
:ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
:كنت أغفر لو أنني متُّ..
:ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
:لم أكن غازيًا،
:لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
:لم أمد يدًا لثمار الكروم
:لم أمد يدًا لثمار الكروم
:أرض بستانِهم لم أطأ
:لم يصح قاتلي بي: “انتبه”!
:كان يمشي معي..
:ثم صافحني..
:ثم سار قليلًا
:ولكنه في الغصون اختبأ!
:فجأةً:
:ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
:واهتزَّ قلبي كفقاعة وانفثأ!
:وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
:فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
:واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
:لم يكن في يدي حربةٌ
:أو سلاح قديم،
:لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
**
:لا تصالحُ..
:إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
:النجوم.. لميقاتها
:والطيور.. لأصواتها
:والرمال.. لذراتها
:والقتيل لطفلته الناظرة
:كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
:الصبا – بهجةُ الأهل – صوتُ الحصان – التعرفُ بالضيف – همهمةُ القلب
:حين يرى برعمًا في الحديقة يذوي – الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ
:مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
:وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
:كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
:والذي اغتالني: ليس ربًّا..
:ليقتلني بمشيئته
:ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
:ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
:لا تصالحْ
:فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
:(في شرف القلب)
:لا تُنتقَصْ
:والذي اغتالني مَحضُ لصْ
:سرق الأرض من بين عينيَّ
:والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
**
:لا تصالح
:ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
:والرجال التي ملأتها الشروخ
:هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
:وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
:لا تصالح
:فليس سوى أن تريد
:أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
:وسواك.. المسوخ!
**
:لا تصالحْ
:لا تصالحْ.