الحب
يُعد الحب شعورًا رائعًا يُقرب بين شخصين، حتى وإن كان الآخرين يرونها علاقة غير متوافقة. إنه الإحساس الذي يدفع بنا إلى الجلوس سوياً على مقعد واحد مع توفر عشرات المقاعد الأخرى، وإجراء محادثات مطولة دون أي انقطاع. وكيف لهما أن يستمتعا بفصل الشتاء دون الإحساس بالبرد، أو أن يتشاركوا وجبة بسيطة في حين يمكن لكل منهما تناول ضعفها بمفرده.
لقد نالت الأشعار نصيبها من اهتمام الحب بفضل قربه من العواطف الإنسانية. ولذلك نجد العديد من القصائد تصف حالات المحبين وعواطفهم وآلامهم. وإليكم مجموعة متنوعة من أجمل أشعار الحب.
قصيدة غزل على طريقة فان كوخ
الشاعر: أديب كمال
لأجل أن أستشعر عطر أحرفك الساحرة
الذي يحمل نسمات عشتار وبلقيس،
فإني مستعد لأبحث في قلبي
داخل مكتبة آشور بانيبال،
وارتداء درع نبوخذ نصر ومغامراته الغامضة.
أنا كذلك سأصف للفقراء والمحتاجين
مزايا قوانيني: أنا حمورابي العظيم.
لأجل استنشاق خفايا أحرفك الملتهبة،
سأكون مستعدًا للضياع،
كقبيلة تشعر بالعطش في الصحراء،
أو كمدينة تتضرر من زلزال مفاجئ،
أو كرهائن يتقاتلون فيما بينهم.
لأجل استنشاق أسرار أحرفك العذبة،
سأهديك أذني كما فعل فان كوخ،
وسأبكيك طوال حياتي،
وأُحاط بالأقوياء والحيوانات المفترسة،
كما فعل غويا،
وسأنجرف في البحر كالحوت،
كما فعل ذو النون،
وسأفقد قائد جنودي إلى الأبد
كما فعل داود.
لأتمكن من إمساك لهب أحرفك
الذي يملأ كفي،
سأكون جاهزاً للقفز في النهر
كأي شاب يحيا لحظة الحب الأولى،
وينفصل عن العالم للمرة الأخيرة.
قصيدة أضرمت نار الحب
الشاعر: أبو نواس
أضأت نار الحب في قلبي،
ثم تبرأت من الذنب،
وحتى عندما تسارعت أمواج الحب،
غمرني بحر العواطف عند قلبي،
أفشيت سِرّي وتناسيتني،
ما هكذا يكون العدل يا حبي،
إذا كنت لا تستطيع دفع الحب عني،
ألا تخشى الله؟!
قصيدة عواطف الحب
الشاعر: محمد مهدي الجواهري
عواطف الحب ما أجملها
لقد ناحت على طبعي ووضعت خُلقي،
وهجٌ يملأ روحي بلطفٍ،
لا أنكر فضل هذا الوهج،
لقد سطعت في الحب،
لا بشوقي من لم يشتق.
اعلم أن القلب لا تسكنه
ذكريات سواك، ثق في ذلك.
لا تستطيع أن تعرف ما عانيته
كيف تستطيع أن تشعر بطعم ما لم تجربه.
لم تترك لي سوى الضعف
ورضا لك حتى لي أضع الأنفاس.
أعيش في الحزن ولا أكرهه،
إنما أحبه أكثر من الفرح.
إن هذا الشعر يمس القلب ويعبر عنه،
كيف لو سمعت كلامي منه؟!
بيتٌ محطم من الداخل،
زفرات صدرت من كل أرجائي.
لم أعش على دين الحب،
فما وفاءكم إلى عنقي.
الحب أرّقني
الشاعر: مفدي زكرياء
لقد أرّقني الحب واليأس أرهقني والبُعد مضاعف لآلامي وأحزاني،
والروح في حب “ليلاي” تحولت إلى دموعٍ، فسهرت بها أشعاري ووجداني.
أُراقب النجوم والأكوان صامتة، تستمع إلى أنيني بأشواق وحنان.
كالغراب في الليل المنحدر روحي، وقلبي بجانبه جناحان.
نجوب معاً ليالي الحب في شغف، ونراقب الطيف لحظة تلو الأخرى.
لك الحياة وما داخل الجسم من رمق ودماء وروح وجسد.
تستحقين الحياة بالكامل، فاجعلي وصالك يسير، وما أجمله في قلبي ووجداني.
قصيدة آه ما حيلتي
الشاعر: يحيى السماوي
ازعلي فالزعل يُعتبر أحد فنون الغزل،
كم من حبيب جفا ثم جاء ليعتذر بأقطاب القبل.
يا حبيبي الذي اكتحل بالنوم،
وغفى هانئًا بين الطيبات والطلات.
كم من حبيب أتى وانتقل،
وأنا هنا كالرماد المتناثر.
أرتدي أثواب الأمل،
لهبٌ في دمي وضنى في العيون.
إن قلبي لن يمل على عهده،
آه ما حيلتي؟ وقد أغلقت جميع الطرق.
علتي أنني خالي من الأوجاع،
سوى أن الهوى في أوردتي انفجر.
فانشري لي خيمةً من خصل،
واملأي فمي بروضة من قبل.
قصيدة حين أقبلتِ
الشاعر: إلياس أبو شبكة
حين أقبلت، والهَوى فيكِ ينمو،
كان حبي يتلاشى والنار تخبو.
قلت لي بآسٍ، فهل لديك نصيحة،
وبنفسك داء، فهل لديك دواء؟
جئتِ تستفسرين عن شؤوني،
ما بها يدي ولا لك ذنب.
إذا كان للشريع رب،
أليس للقلب رب أيضاً؟
قلت: هذا أمر خاص بيننا،
لكن للناس ضوابط وشرائع.
القوانين وضعت من قبل العقل،
بين الضمير والعقل حرب.
حتى تصير للناس قلب،
مضت شهور وتجدد الهَوَى بيننا.
قلتِ: هل تفهم قلبِي؟
قلت: يا سيدتي ليلى، أحنكَ أحن.
قلت: يا ليلي، كم خبرت قلوبًا،
فتكفي نفسي من أخبارها.
غير أنني أرى بعينيك ما لم تريه عيون أخرى،
ويشعر به الوجدان.
أترينني ذلك الملك البعيد،
حتى لو جاء من جهنم.
أترينني فيه ما لم تكوني أنثى،
وما لم يكن في قلوب الناس حب؟
فتأملتي بي وقلتِ: وما الماضي،
ألم تبقَ منه نار تُشعل؟
فأفاعي الجنة لا تزال حية،
وما زال سمها مُتسرّباً.
قلت: يا ليل، قُلتِ بعد الأفاعي،
جاء شعر مُرطب بالحب وذو طعم.
صباح العيون بتنغيم الأماني،
وعلى ثغرك حبي وحناني.
ما على الدنيا إذا عنّت بنا،
فليس في الدنيا سوانا شاعران.
فاِعصِري قلبك في خمر دمي،
واجعلي الأيام في الكأس ثوانٍ.
واشرُبي معي ما مرّ، واهتفي،
نحن في أذن الزمان أغنيتان.
قصيدة الحب والربيع
الشاعر: إبراهيم ناجي
جددي الحب واذكري لي الربيع،
لقد عشت للجمال مع الكائنات.
أشتهي أن يطوقني ورق الأيك،
وأثوي خلف الزهور منثورة.
آه، سيري بي على الدوام،
واجمعي الشمل في الربيع.
لا تقولي لي اشتري السعادة والعز،
فإنني أحسن البنى وأرفض البيع.
لغيري الدنيا وما في حماها،
إنني أعشق الجمال البراق.
أنا من أجله خالفتُ وعُذّبْتُ،
وأقسمتُ أنه لن يذهب.
وبطيب الربيع أعاصر زهورًا،
وعبيرًا ولا أُعاني الجوع.
فهو معي زادٌ حين تعفُ المحن،
وتخلو المنازل والديار.
قصيدة أمطرت لؤلؤًا
الشاعر: يزيد بن معاوية
نال على يديها ما لم أنله بيدي،
نقشًا على معصم قد أوهنت جلدي.
كأنه سَيرُ نمل في أناملها،
أو روضة حرية قد زخرتها السحب.
وقوس حاجبها من كل جانب،
ونبل مقلة ترمي كبدي.
مدت مواشيطها في كفها حبلاً،
تقوم بصيد قلبي من داخل الجسد.
إنسية لو رآها الشمس لما أشرقت،
من بعد رؤيتها يومًا على أحد.
سألتها الوصل فقالت: لا تَغرَّ بنا،
من رام منا وصالت مات بكمد.
فكم من قتيلٍ لنا بالحبِّ مات جُوىً،
من الغرام، ولم يبدي أو يعدِ.
فقلت: استغفر الرحيم من زلة،
إن المحب قليل الصبر والجَلَد.
قد خلفتني ممددًا، وهي تقول:
تأملوا كيف يتفاعل الظبي مع الأسد.
قالت: لطيف خيالٍ زارني ومضى،
بالله صِفه ولا تنقص ولا تزدِ.
فقلت: تركته لو مات من ظمأٍ،
وقلت: قف عن ورود الماء لم يرِدِ.
قالت: صدقت، الوفاء في الحب شيمته،
يا عذاب ذاك الذي قال على كبدي.
واسترجعت، سألت عني، فقيل لها،
ما فيه من رمقٍ، ودقت يداً بيد.
وأمطرت لؤلؤًا من نرجسٍ وسقت،
وردة، وعضت على العناب بالبرد.
وأنشدت بلِسان الحال قائلةً:
من غير كرهٍ ولا مَطلٍ ولا مدد.
إن يحسدوني على موتي، فَوَا أسفي،
حتى على الموت لا أستطيع الخلو من الحسد.
قصيدة زوروا بثينة
الشاعر: جميل بثينة
زوروا بثينة، فالحبيب مزور،
إن الزيارة للمحب يسيرة.
إن الترحُل أن نتلبس أمرنا،
وأعتاقنا قدر أُحمِم البكور.
إنني عشية رحت وهي حزينة،
تشكو إليّ صبابةً لصبور.
وتقول: بت عندي فديتك ليلةً،
أشكو إليكَ، فإن ذاك يسير.
غراؤ مِبسام وكان حديثها،
دُرٌ تحدر نظمُه منثور.
محطوطة المَتين، مضمرة الحشا،
ريّا الروادف، خالقتها مَمكور.
لا حسنها حسن، ولا كدلالها،
دلٌ، ولا كوقارها توقير.
إن اللسان بذكرها لموكل،
والقلب صادٍ، والخواطر صور.
ولئن جازيت الودّ مني مثلها،
إنني بذلك، يا بثين، جدير.