تعتبر نظام المعاملات في الشريعة الإسلامية من أبرز ما تم تسليط الضوء عليه في الشريعة الغراء، حيث تم تخصيص فصول وأحكام خاصة له. وقد تم تناول جميع جوانب المعاملات بين الأفراد نظراً لأهميتها الكبيرة، مما جعلها موضوعًا مركزيًا يتطلب دراسة متعمقة.
تتميز الشريعة الإسلامية بعنايتها الشديدة بجميع أنواع المعاملات، سواء كانت بسيطة أم معقدة. لمعرفة المزيد، يمكنكم الاطلاع على المقال حول نظام المعاملات في الشريعة الإسلامية بطريقة مختصرة.
نظام المعاملات بين الأفراد في الإسلام
أسس الدين الإسلامي نظامًا للممارسات الاقتصادية والمالية بين الناس يقوم على مبادئ السماحة والعدل، ويهدف إلى عدم ظلم الأفراد لبعضهم البعض، فضلاً عن تحقيق التوزيع العادل للثروات.
فلا يُفضل أحد على الآخر في هذا النظام، وهو أحد المبادئ الأساسية التي أقرها الدين الإسلامي. سنقوم هنا بتفصيل بعض الأمور المهمة المتعلقة بهذا النظام.
تعريف البيع والشراء في الشريعة الإسلامية
يتم تقسيم تعريف البيع في الشريعة الإسلامية إلى نوعين: الأول هو التعريف اللغوي، الذي يُعرَف بمفهوم المبادلة. أما التعريف الاصطلاحي، فيشير إلى تبادل مال بآخر. وقد أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى البيع في الآية 275 من سورة البقرة بقوله: “وأحل الله البيع وحرم الربا.”
وهذا يدل على مرونة الدين الإسلامي في تنظيم معاملات الجميع، بغض النظر عن ديانتهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “البائعان بالخيار، ما لم يتفرقا.” (رواه البخاري ومسلم).
وقد حث الإسلام على التسامح في المعاملات التجارية، حيث يبارك الله تعالى في البيوع المتسمحة بين الأطراف المعنية. كما يُحرِم الربا في المعاملات، وهو ما يحدث عند إقراض مال مع فرض ربا زائد عندما يحين موعد سداد الدين.
كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار أو تحقيق مكاسب زائدة عن الحد، مؤكدًا أن الله تعالى يبارك في الربح القليل.
شروط عقد البيع الصحيح في الإسلام
حدد الإسلام مجموعة من الشروط والقواعد التي يجب أن تتوفر أثناء عملية البيع والشراء لضمان بركة الله تعالى في الصفقة وتحقيق ما يرغب فيه الأطراف المعنية.
- يجب أن يتوفر الرضا والتراضي بين طرفي البيع وأن تكون النفس سليمة.
- وقد ذكر الله في قوله: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم.”
- يجب أن يكون محل البيع معلومًا، وعدم التعامل في ما غير معروف أو باطن.
- أن يُنفذ البيع بشكل مباشر بين البائع والمشتري، مع وجود أهلية للطرفين؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تبع ما ليس عندك.”
- تشمل الشروط الأخرى: الحرية، البلوغ، العقل، الملك، والرشد.
- يتعين أن يكون البيع متاحًا ومباحًا وفقًا لما يقره الدين الإسلامي، حيث يُحرم بيع الخمور وأدوات الميسر وغيرها.
- أجاز الفقهاء بيع الحقوق المعنوية حاليًا، مثل حقوق الاختراع وحقوق المؤلف.
- أخيراً، يجب الاتفاق على ثمن البيع ومعرفته من الطرفين مع الرضا الكامل به.
العقود المحظورة
توجد بعض الأنواع من العقود التي حظرتها الشريعة الإسلامية، والتي تُعتبر ممارسات غير مقبولة في معاملات البيع والشراء.
هذا يعكس أن الدين الإسلامي يعتمد نظام معاملات قوي يمتاز بالصلابة والاستدامة حتى قيام الساعة. ومن بين العقود المحظورة هو عقد البيع خلال نداء صلاة الجمعة، حيث يقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.”
أيضاً، هناك مبيعات قد تؤدي إلى وسائل غير مشروعة، وكل ما يترتب عليه حرام يجب تجنبه. يبقى هدف الشريعة هو غلق الأبواب أمام الذرائع التي قد تؤدي لمفاسد؛ يقول الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.”
بيع المسلم على أخيه لا يجوز شرعاً، مما يعكس روح التعاون والمحبة الواجبة بين الناس. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يبيع أحدكم على بيع أخيه”، مما يبرز روح التعاون في الدين الإسلامي.
بيع الحاضر للبادي ممنوع، حيث البادي هو من يجلب السلع من الخارج ليبيعها. وقد ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: “لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا بيع حاضر لباد.”
كما يُشير الحديث أيضًا إلى ضرورة مراعاة حقوق المشترين، حيث جاء: “ومن ابتاعها فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر.” وهذا يدل على حرص الإسلام على الحقوق.
بيع العملات والأسهم
تعتبر المعاملات التي تشمل بيع الأسهم والعملات من الأنشطة المحظورة في الشريعة الإسلامية، وهي تتنوع بين عدة أشكال، ومنها:
- بيع أسهم الشركة بعد طرحها للبيع، وخصوصا أسهم البنوك الربوية التي تُعد ممارسات غير مشروعة.
- أيضًا يُحظر بيع الأسهم التي لم تُمتلك بعد، إذ لا يجوز الاتفاق على بيع ما لا يُملك.
- لأن التسليم الفعلي هو الشرط الرئيسي لصحة المعاملات شرعًا، وهو الأمر الذي يجب أن يتوافر عند توقيع العقد.
- كما يُحظر بيع الأسهم عدة مرات قبل الحصول عليها، حيث يُعد هذا بيعًا لاحقًا دون تملك حقيقي.
- ويقتصر دور المشترين الآخرين فقط على تحقيق الربح أو تحمل الخسارة.
- يشمل ذلك أيضًا التعامل مع الشركات التي تقوم بعمليات محظورة مثل بيع المواد منتهية الصلاحية أو المضاربة في السوق بشكل يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمنافسين.
بطاقة التوفير
- هذا النوع من البطاقات يُعد محظوراً وفقًا للفتاوى الإسلامية، حيث يتم إصدارها من قبل عدة بنوك ومحلات، ويتيح لحامل البطاقة شراء سلع بسعر مخفض.
- كما تُضاف رسوم سنوية لإبقاء البطاقة سارية، مما يُعتبر نوعًا من أخذ أموال الناس بالباطل.
بطاقة الائتمان وإصدارها
- تُصدر بواسطة البنوك، مثل البطاقة الذهبية والفضية.
- تُمكن البطاقة العميل من شراء السلع، حيث يقوم البنك بدفع قيمتها.
- تختلف أحكام إمساك تلك البطاقات حسب القيمة الفعلية للسلعة، فإذا كانت الزيادة غير مبررة، تُعتبر محظورة كونها نوعًا من الربا.
الرهن في الشريعة الإسلامية
- الرهن في اللغة يعني الدوام والثبوت، أما اصطلاحًا فيشير إلى توثيق دين أو منفعة، وهو جائز شرعًا إذا توفرت شروطه.
- من هذه الشروط أن يكون الرهن متعلقًا بأشياء يجوز بيعها، وأن يكون الراهن عاقلاً ورشيدًا.
- يجب أن يكون الراهن مالكًا للشيء المرهون، كما يجب أن يكون له الحق في التصرف فيه.
- علاوة على ذلك، ينبغي أن يكون الشيء المرهون واضحًا ومحدّدًا في نوعه وكميته وخصائصه.
- كما ورد في سورة البقرة آية 283: “وإن كنتم على سفر، ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة.”