تُعتبر نظرية الاستخدامات والإشباعات واحدة من النماذج التي أُدرجت ضمن نظريات التأثير المحدود لوسائل الإعلام، والتي نشأت في ستينيات القرن الماضي. وقد تركزت هذه النظرية على دراسة العلاقة بين احتياجات ورغبات الجمهور واستخدامهم لوسائل الإعلام.
مقدمة في نظرية الاستخدامات والإشباعات
تجسد رؤية مؤيدي نظرية الاستخدامات والإشباعات في أن الإقبال الجماهيري على وسائل الإعلام يمكن تفسيره من خلال حجم الاستخدامات ومعدل الإشباعات التي يتحصلون عليها من هذا الاستخدام.
مفهوم نظرية الاستخدامات والإشباعات
تُعرّف نظرية الاستخدامات والإشباعات بأنّها رغبة الأفراد في التعرض لمحتوى وسائل الإعلام لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم، استجابةً لدوافعهم الفردية.
أصول نظرية الاستخدامات والإشباعات
- في الأربعينيات من القرن الماضي، بدأت الدراسات تكشف عن مشكلات الفروق الفردية.
- بالإضافة إلى التباين الاجتماعي، وفهم السلوكيات المرتبطة بوسائل الإعلام.
- أدى ذلك إلى بداية جديدة لمفهوم العلاقات بين الجمهور ووسائل الإعلام.
- حيث أصبح الجمهور عنصرًا فعالًا بدلاً من كونه عنصرًا سلبيًا.
- وترى هذه النظرية أن الجمهور يقوم باختيار الرسائل والمحتويات التي يرغب فيها من وسائل الإعلام، مما يجعل تلك الوسائل تستجيب لرغبات ودوافع الجمهور.
- تناول حسن مكاوي وليلى السيد ما قدمه “ويرنر وتانكرد” وأشارا إلى أن بحثهما يظهر أنواع الرغبات والاحتياجات التي يحققها استخدام وسائل الإعلام.
- تعود بدايات هذه الأبحاث إلى الثلاثينيات، حيث أُجريت دراسات عدة لتحقيق فهم أعمق لأسباب استخدام الجمهور لتلك الوسائل.
دراسة هيرتا وهيرزج
- انطلقت أبحاث النظرية عام 1944 مع دراسة “هيرتا وهيرزج”.
- وهدفت هذه الدراسة إلى اكتشاف رغبة الجمهور في الإشباع والمتعة، كما في المسلسلات اليومية.
- أشار كل من “هيرتا وهيرزج” إلى أن هذه الدراسة تناولت إشباع الاحتياجات العاطفية للجمهور.
دراسة بيرلسون
- تواصلت الأبحاث في هذا السياق حيث عُقدت دراسة بواسطة بيرلسون في عام 1954 حول ثمانية صحف توقفت عن الصدور لمدة أسبوعين.
- كان سبب توقف الصحف ناتجًا عن إضراب للعاملين بشركة التوزيع في نيويورك، مما دفع بيرلسون للاستفسار عما افتقده الجمهور خلال تلك الفترة.
- خلص بيرلسون إلى أن الصحف تلعب أدوارًا متعددة في حياة الجمهور، حيث تُعتبر مصدرًا لنقل الأخبار والمعلومات، فضلاً عن كونها تمثل ملاذًا للهروب من صعوبات الحياة اليومية.
لا تنسَ قراءة:
دراسة إليهو كاتز وبلمار
- تمثل بداية وجود الإشباعات بشكل اكتمالي ما قام به “إليهو كاتز وبلمار” حين ألّفا كتابًا بعنوان استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية في عام 1974.
- استعرض هذا الكتاب التفاعلات التي تقوم بها وسائل الإعلام من جهة، والدوافع التي تدفع الأفراد للاستخدام من جهة أخرى.
- تشكل هذه النظرية تحولًا فكريًا في مجال دراسة التأثيرات المختلفة لوسائل الإعلام حيث يعتقد مؤيدوها أن الجمهور يمتلك القدرة على تحديد واختيار الوسائل والموضوعات التي يرغب فيها.
فروض نظرية الاستخدامات والإشباعات
- بعد وضوح المدخلات الأساسية لهذه النظرية، بدأ الباحثون بطرح محاولات لتأسيس أسس علمية.
- وتم وضع الفروض والعناصر التي تشكل أساس هذه النظرية.
- تستند نظرية الاستخدامات والإشباعات إلى فرضية الجمهور الفعّال والإيجابي.
- على عكس فرضيات التأثير السابقة التي اعتبرت الجمهور كعنصر سلبي.
- تفرض نظرية الاستخدامات والإشباعات أن للجمهور ديناميكية إيجابية تعكس وعيهم في اختيار ما يرغبون في التعرض له من وسائل الإعلام.
- يعتبر إليهو كاتز وزملاؤه أن هذا الاتجاه يستند إلى خمسة فروض أساسية، والتي تشمل:
- الجمهور كمشاركين فعّالين في عملية الاتصال الجماهيري.
- أنواع الوسائل التي تُستخدم تمثل الاحتياجات المراد تحقيقها.
- اختيار الوسيلة المناسبة يلعب دورًا أساسيًا في إشباع الرغبات.
- قدرة الجمهور على تحديد احتياجاتهم والدوافع لها.
- الاستفادة من وسائل الإعلام كأداة لفهم المفاهيم الثقافية.
فروض ليتل جون
من جهة أخرى، أشار محمد البشر إلى أن ليتل جون أوضح معنى نظرية الاستخدامات والإشباعات بوجود ثلاثة فروض رئيسية وهي:
- يميل الجمهور إلى تحقيق إشباع معين من خلال التعرض لرسائل محددة.
- الجمهور يمتلك مسؤولية اختيار المحتوى الذي يتناسب مع احتياجاته.
- هناك تنافس بين وسائل الإعلام وأطراف أخرى، حيث يسعى الجميع لإشباع احتياجات ورغبات الجمهور.
أبعاد نظرية الاستخدامات والإشباعات
لتحديد أبعاد نظرية الاستخدامات والإشباعات، يقوم الباحث بعرض العناصر الأساسية للنظرية، ومن أبرزها ما يلي:
- فرض الجمهور الإيجابي والنشط.
- الدوافع والاحتياجات التي تحفز الجمهور على التعرض لوسائل الإعلام.
- العوامل الاجتماعية والنفسية التي تؤثر على استخدام الوسائل الإعلامية.
- توقعات الجمهور من وسائل الإعلام.
- الإشباعات المحتملة التي توفرها وسائل الإعلام.
- كل هذه العناصر تتداخل بشكل كبير، مما يصعب الفصل بينها في الواقع العملي.
خاتمة حول نظرية الاستخدامات والإشباعات
ختامًا، تؤكد دراسة نظرية الاستخدامات والإشباعات على دورها في توفير معايير جديدة لفهم احتياجات وإشباعات الجمهور تجاه وسائل الإعلام، إذ تُظهر أن الجمهور يمتلك تأثيرًا كبيرًا ويُلعب دورًا فعالاً في هذه العملية.