تعتبر دراسة موقف الإسلام من ظاهرة التنمر مفتاحًا لفهم كيف يمكن مواجهة هذا السلوك السلبي بحسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، سواء من خلال السنّة النبوية المباركة للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أو من خلال آيات القرآن الكريم. حيث تشكل سورة الهمزة أحد أبرز الأدلة على مجابهة الإسلام لهذا السلوك.
موقف الإسلام من التنمر
يعد التنمر سلوكًا مرفوضًا على كافة الأصعدة، سواء كانت دينية، اجتماعية، أو إنسانية، مما يستوجب منا مقاومته بعدة طرق. سنستعرض فيما يلي عناصر البحث:
- مقدمة.
- موقف الإسلام من التنمر.
- وسائل مكافحة التنمر.
- تداعيات التنمر.
- أنواع التنمر.
- التاريخ المرتبط بالتنمر.
- تصنيفات التنمر.
- الخاتمة.
مقدمة البحث
التنمر سلوك عدواني يمكن أن يظهر على شكل فردي أو جماعي، وقد يصل إلى الاعتداء الجسدي أو العنف اللفظي. في كثير من الأحيان، يكون المتنمر غير مدرك تمامًا لما يفعله، وقد يكون مدفوعًا بدوافع نفسية، كالحسد تجاه الضحية، أو بسبب تعرضه لأذى سابق.
موقف الإسلام من التنمر
يعبر الدين الإسلامي الحنيف عن رفضه لكل أنواع السلوكيات التي تتسم بعدم الإنسانية والإيذاء، مؤكدًا على أهمية الأخلاق الفاضلة. وفيما يلي تفاصيل عن كيفية مواجهة الإسلام للتنمر:
- حث الإسلام على الابتعاد عن الأخلاق السيئة، بما في ذلك التنمر والسخرية.
- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
- توضح الآية السابقة تحذيرات من الاستهزاء الآخرين أو إهانتهم تحت أي ذريعة، حيث تتواجد العديد من الآيات التي تستنكر هذه السلوكيات.
- يشمل التنمر في الإسلام إهانة الشخص وتحقيره، كما أن التنابز بالألقاب يعد نوعًا من التنمر.
- من الخطأ توجيه مناداة لأحد بصفة يكرهها، بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، حيث قال: (المسلِمُ من سلمَ المسلِمونَ من لِسانِهِ ويدِهِ).
وسائل مكافحة التنمر
يجب على جميع فئات المجتمع التعاون لمواجهة التنمر بكافة أشكاله، ونستعرض فيما يلي بعض الطرق الممكنة لهذا الغرض:
- توعية الأبناء بمدى حرمة سلوك التنمر، كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ).
- تعليم الأبناء بأسس الأخلاق الإسلامية الفاضلة، وتحذيرهم من آفات السلوك السيء.
- تذكير الأبناء بمسؤولياتهم تجاه أنفسهم وعائلاتهم وفق ما جاء في القرآن الكريم.
- التركيز على الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن التنمر، سواء للمتنمر أو للضحية.
- تحفيز الأجيال القادمة على احترام الآخرين وعدم الإيذاء، خاصةً من هم أضعف منهم.
- تعليم قيم القوة كنعمة من الله، مما يحث المسلمين على استخدامها في الخير والمساعدة.
- الحرص على ملاحظة سلوك الأبناء ومتابعتهم بانتظام لتعزيز شخصيتهم.
- تدريب الأبناء على استراتيجيات الدفاع عن النفس والتصدي للتنمر بشكل فعال.
تداعيات التنمر
التنمر من السلوكيات المخالفة لأخلاق الإسلام، وقد يؤدي إلى آثار سلبية على الضحية، تشمل:
- إصابات جسدية ونفسية تصيب الشخص المتنمر عليه، وقد تستمر آثارها حتى بعد البلوغ.
- تجربة التنمر في المدارس يمكن أن تؤدي إلى عواقب نفسية خطيرة.
- الطفل المعرض للتنمر قد يواجه صعوبات في تطوير مهاراته الاجتماعية.
- زيادة احتمالات تحصيل المتنمر لاضطرابات نفسية مع مرور الوقت.
- انتشار التنمر يساهم في خلق بيئة مجتمعية غير صحية.
أنواع التنمر
قامت بعض المراكز البحثية في الولايات المتحدة بتصنيف التنمر إلى نوعين رئيسيين:
التنمر المباشر
- يعرف هذا النوع باسم العدوان الاجتماعي.
- يتضمن سلوكيات عدوانية مثل الضرب والدفع والخنق.
- يؤدي هذا النوع من التنمر إلى إيذاء فرد آخر بشكل مباشر.
التنمر غير المباشر
- يتم عن طريق عزل الضحية عن المحيط الاجتماعي.
- يمكن أن يتضمن الإشاعات السلبية، والنظرات الجارحة، واستخدام الألقاب المسيئة.
تاريخ التنمر
تشير الأبحاث التاريخية إلى أن التنمر كان موجودًا منذ العصور القديمة، ونتناول بعض الوقائع التي حدثت عبر الزمن:
- تم توثيق حالة عنف بسبب التنمر في عام 1825 بالتحديد في نهاية فبراير في تقويم نيوجيت.
- تم اتهام طالبين أثناء الدراسة بارتكاب جريمة قتل نتيجة لتنمرهما.
- تمت الإشارة إلى حالات عديدة تسببت في الانتحار بسبب التنمر.
أنواع جديدة من التنمر
صنفت هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنواع التنمر التالية:
- التنمر اللفظي.
- التنمر الاجتماعي.
- التنمر الوظيفي.
- التنمر الجسدي.
- التنمر الجنسي.
- التنمر الإلكتروني.
- التنمر المدرسي.
توعية الأبناء بخطورة التنمر
- يجب على الآباء تربية الأبناء على الأخلاق الحسنة التي يدعو إليها الإسلام والابتعاد عن السلوكيات السيئة.
- يتوجب على الأهل تعليم الأبناء خطر التنمر على الفرد والمجتمع.
- ويسهم الآباء في التأكيد على مسؤولياتهم تجاه رعاية ونصح الأبناء للحفاظ على قيم الإسلام.
الحكم الإسلامي في التنمر
يعتبر التنمر محرمًا شرعًا وفقًا للنصوص الإسلامية كما جاء في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
خاتمة البحث
حقق الإسلام تقدمًا في التصدي لظاهرة التنمر، مما يضمن مسؤولية مشتركة لحماية أفراد المجتمع من آثاره، حيث يجب التنسيق بين الأهالي والمدارس والجهات الدينية لمكافحة هذه الظاهرة. يجب على المسلمين أن يلتزموا بمبدأ الاحترام المتبادل وأن يتجنبوا كل صور الأذى، سواء كان جسديًا أو لفظيًا.