يتجلى الارتباط الوثيق بين سعة الكون وعظمة الخالق جليًا، فليس من المجدي أن يخلق الكون الفسيح بكل ما يحتويه من ظواهر إلا عظيم.
من خلال استكشاف مظاهر قدرة الله، ندرك أن الله تعالى قد أودع في هذا الكون العجائب والأسرار التي تعكس قدرته المطلقة، فلا يوجد صنع يتساوى مع صنع الخالق.
مظاهر قدرة الله
ولا شك أن المتأمل في الكون والمتفكر في مظاهر قدرة الله وإبداع خلقه، يعي تمامًا أن الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو الكبير المتعال.
إن البحث في مظاهر قدرة الله يعزز من إيمان المؤمنين وارتباطهم بالله، كما ورد في القرآن الكريم على لسان المؤمنين:
“ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار“.
في أي اتجاه نظر الإنسان، يجد كل ما حوله يدل على عظمة الله عز وجل، حيث يشمل ذلك:
- حث الإسلام في العديد من النصوص على أهمية التأمل والتفكر في خلق الله عز وجل.
- تقديم الإسلام عددًا كبيرًا من الأدلة التي تؤكد عظمة الله تعالى، مما يساعد على طمأنة الذين يعتريهم الشك، ويساهم في تثبيت المؤمنين في إيمانهم.
- كذلك، أسهم التقدم العلمي في عصرنا الحالي في كشف العديد من الحقائق التي تثبت وجود الله عز وجل.
قدرة الله في خلق السماوات والأرض
- عند البحث في مظاهر قدرة الله، لا يمكن تجاهل إحدى أبرزها، وهي قدرة الله تعالى على خلق سبع سماوات دون أي نقص أو عيب، ورفعها دون أعمدة، وحفظها من السقوط والزوال.
- أيضًا، يعتبر خلق الأرض من أهم مظاهر قدرة الله، فعند التأمل فيها، يتساءل المرء عن كيفية احتواء قطعة واحدة على هذا التنوع، حيث يمكن أن نجد تربة خصبة بجوار تربة قاحلة رغم ريّهما بنفس الماء.
- جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى دلالة الأرض على قدرة الله، حيث قال الله تعالى: “وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون”.
قدرة الله في الكون
- يوجد مئات المليارات من المجرات في الكون، علمًا بأن كل مجرة تحتوي على أكثر من 100 ألف مليون نجم.
- تزداد دهشة الإنسان عندما يدرك أن بعض المجرات تبعد عن كوكب الأرض بمسافة تتجاوز بليون سنة ضوئية.
- الأكثر إثارة للدهشة هو أن الكون المرئي يمثل 5% فقط من البناء الكوني، بينما يشكل البقية مادة مظلمة لا يمكن رؤيتها.
- يمكن رؤية المجرات المتألقة في الكون بألوانها الحقيقية عبر الصور الفلكية الحديثة، حيث قال الله تعالى: “أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج”.
قدرة الله في الرياح
- تعتبر الرياح من الأدلة البارزة على قدرة الله، كما قال تعالى: “وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون”.
- من حكمته تعالى، أنه غيب رؤية الرياح عن البشر، مما يمكنهم من إدراك أثرها والشعور بها دون رؤيتها.
- يمكن أن يكون إرسال الرياح رحمة أو عذاب، ففي رحمة الله قال: “ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته”، وفي مقام العذاب قال: “وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم”.
- تجلب الرياح فوائد عديدة للأرض، إذ تسهم في تلقيح الغيوم وتحريك السحب وتغذية النباتات والأشجار، كما قال الله تعالى: “وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين”، ولولا الرياح لفسد الماء وأنتنت الأرض.
قدرة الله في خلق الإنسان
- ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان، حيث قال: “الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين* ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين* ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون”.
- من يتأمل طبيعة خلق الإنسان، كيف بدأ من طين ثم تطور إلى هيكل محسوس، يدرك عظمة قدرة الله في إبداع هذا الكون.
قدرة الله في الخلايا الدماغية
- تعتبر الخلية بمختلف أنواعها من أهم الظواهر التي تظهر قدرة الله تعالى في خلق الإنسان.
- جعل الله الخلايا غير مرئية للعين المجردة، ومنح كل خلية وظيفة محددة؛ وعلى الرغم من تعدد مهامها ومواقعها، تقوم كل خلية بوظيفتها دون تعثر.
- من أبرز الأمثلة: الخلايا الدماغية، حيث يفوق عددها 140 مليار خلية، وهي في تفاعل مستمر مع بعضها.
- تستطيع الخلية الدماغية الواحدة الاحتفاظ بالمعلومات قصيرة الأجل، شبيهة بالذاكرة العشوائية في جهاز الحاسوب، وبدون هذه الخلايا، لا يستطيع الإنسان أن يقوم بأي نشاط.
قدرة الله في الجهاز العصبي
- تقدر الخلايا التي تستشعر الألم في جسم الإنسان بحوالي 4 مليون خلية، منتشرة في كافة أنحاء الجسم.
- يسرد العلماء هذه الخلايا باسم العصبونات، حيث يقوم الجهاز العصبي بمعالجة جميع الإشارات القادمة من الأعضاء الحسية في الجسم وإرسالها إلى المخ.
- تتولى الخلايا العصبية مسؤولية تنظيم خفقان القلب، عمليات التنفس، الهضم، ودورة الغذاء بالإضافة إلى مهام حيوية أخرى.
- تساعد الخلايا العصبية على تكييف جسم الإنسان مع ظروف البيئة المحيطة به.
قدرة الله في قلب الإنسان
- من خلال التأمل في قلب الإنسان، يتضح أن هذا العضو الصغير يقوم بدور يعجز عنه أكثر الآلات تطورًا.
- يعمل القلب بشكل مستمر على ضخ الدم إلى جميع أعضاء الجسم، ويربط بين مئات التريليونات من الخلايا.
- يمكن أن تصل نبضات قلب الإنسان إلى 100 ألف نبضة يوميًا، مما يؤدي إلى ضخ كميات هائلة من الدم تصل إلى 43 ألف لتر في اليوم.
- من أبرز ما يثير الدهشة في خلق القلب، هو قدرة القلب على إدارة دورتين دمويتين في وقت واحد دون تأثير إحداهما على الأخرى.