نص الحديث: (اغتنم خمساً قبل خمس)
ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ).
يعتبر هذا الحديث من الأحاديث التي رواها العديد من المعصومين؛ حيث أخرجه البيهقي في كتاب شعب الإيمان، كما أورد السيوطي في الجامع الصغير، بالإضافة إلى المنذري في كتاب الترغيب والترهيب. وقد حكم الألباني على صحة الحديث، في حين وصفه بعض المحدثين بأنه حسن.
تعريف برواي الحديث
أشار الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء” إلى أن “عبد الله بن عباس هو حَبْرُ الأُمَّةِ، وفقيه العصر، وإمام التفسير”. هو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العباس بن عبد المطلب، وكان يُعرف بشيبتها. وُلِدَ قبل عام الهجرة بثلاث سنوات، وقد صحب النبي وحدث عنه بعدة أحاديث، وله أبناء، أكبرهم العباس الذي كان يكنى به. كان يتمتع بوسامة وطول قامة، وكان ذو عقلٍ راجح. انتقل مع أهله إلى دار الهجرة في سنة الفتح، وقد أسلم قبل ذلك. وقد دعا له النبي بالحكمة ومعرفة التأويل، فكان له ذلك.
شرح الحديث
يدعو النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث إلى اغتنام خمسة أمور قبل أن تأتي خمسة أخرى. وهذا يشير إلى أهمية استثمار كل مرحلة من حياة الإنسان. وتتمثل هذه الأمور فيما يلي:
- (شَبابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ)
أي اغتنم فترة الشباب في العبادة وأعمال الخير قبل أن يأتي الضعف وقلة القدرة في مشيئة الله.
- (وصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ)
في هذا السياق، يجب على الجميع استغلال الصحة في إنجاز الأعمال الصالحة قبل أن يحجبهم المرض عن ذلك. إذ ينبغي على الشخص أن يستعد بذلك خلال فترة الصحو، ليكون التقدم في الأعمال الصالحة بمثابة تعويض له في حال زوال هذه الصحة.
- (وغِناكَ قَبْلَ فَقْرِكَ)
هذا يعني أنه ينبغي على المرء استثمار الثروات في الأعمال الخيرية قبل أن يفقد هذه الثروات، سواء خلال حياته أو بعد وفاته، حيث أن فقر المال يمكن أن يؤثر على قدرته على العطاء فيما بعد.
- (وفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ)
يحث الإنسان على استغلال أوقات الفراغ في القيام بالأعمال الصالحة قبل أن تشغله الالتزامات الأخرى، مثل الزواج، وتربية الأولاد، والعمل للحصول على الرزق.
- (وحَياتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ)
وهذا يشير إلى أهمية اغتنام الفرص لفعل الخير أثناء الحياة قبل أن يأتي الموت ويحجب الإنسان عن تلك الأعمال.
فوائد الحديث
يمكننا استنباط العديد من الفوائد القيمة من هذا الحديث النبوي، وتشمل:
- “من أهم الأشياء التي ينبغي الحفاظ عليها هو القلب والوقت، فإذا لم تحافظ على قلبك من الانشغال بما هو زائل وتستغل وقتك في ما يساعدك على التقدم بفضل الله، ستضيع فرصك ويفوتك هدفك.”
- ضرورة قصر الأمل في الدنيا.
- أهمية استثمار الفرص قبل فواتها.
- الحرص على القيام بالأعمال الصالحة في كل الأوقات قبل الندم على فقدانها.