تكريم أبي أيوب الأنصاري للنبي محمد
شهد الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري يوماً مميزاً حين استضاف سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، في تلك اللحظة التي دخل فيها الرسول المدينة المنورة مهاجراً برفقة أبي بكر الصديق. أقام النبي الكريم في منزل أبي أيوب لمدة سبعة أشهر حتى تم بناء البيت والمسجد النبوي. وقد أبدى الصحابي الجليل إلحاحاً على النبي للإقامة في بيته العلوي، ولكن النبي رفض ذلك. واستمر أبو أيوب في تكريمه للنبي، حيث كان يمتنع عن تناول الطعام حتى يتناول الرسول طعامه، ويحرص على أن يأكل من نفس الموضع الذي يأكل منه النبي.
يُروى أنه في إحدى المرات، انكسرت جرّة ماء في منزل أبي أيوب، مما أدى إلى فزع زوجته وأخذهم في محاولة تجفيف الماء خشية أن يتسرب إلى الطابق السفلي. وكان من أخلاق أبي أيوب ورؤيته الرفيعة أنه وأسرته لم ينزلوا إلى الأسفل حياءً من رسول الله. واستمر في إلحاحه حتى وافق النبي على الانتقال إلى البيت العلوي.
سيرة أبي أيوب الأنصاري
أسلم أبو أيوب الأنصاري قبل الهجرة النبوية إلى المدينة، وشهد العديد من الأحداث الهامة مثل بيعة العقبة وغزوة بدر. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث، وروى عنه العديد من الصحابة كالصحابي الجليل ابن عباس وأنس بن مالك. قضى أبو أيوب الأنصاري أغلب سنوات عمره مع جيوش الفتح، وكان من ضمن تلك الحملات جيش يزيد بن معاوية الذي سعى لفتح القسطنطينية.
عاش أبو أيوب حتى بلغ حوالي الثمانين عاماً، ولم يمنعه ذلك من الاستمرار في الجهاد في سبيل الله، حتى أصيب بمرض أعاقه عن مواصلة القتال. فطلب من يزيد أن ينقل جيش المسلمين إلى أبعد نقطة في أرض العدو وأن يدفنوه هناك. توفي رضي الله عنه في سنة 52 هجرية ودفن في القسطنطينية.
بعض مواقف أبي أيوب الأنصاري
يتميز الصحابي الجليل بالعديد من المواقف الثابتة التي تتسم بالإيمان والحكمة، ومن أبرز تلك المواقف:
موقف أبي أيوب الأنصاري في حادثة الإفك
ظهر أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- وزوجته أم أيوب بموقف حازم خلال حادثة الإفك. حيث دخل أبو أيوب على زوجته وسألها: “يا أبا أيوب، هل سمعت ما قيل؟” فأجاب: “نعم، وهذا كذب. أكنتِ يا أم أيوب تفعلين هذا؟” فردت: “لا والله”، فقال: “عائشة والله أفضل منك.” فقالت أم أيوب: “نعم”. وقد نزلت الآية: (لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ).
شجاعة أبي أيوب الأنصاري في قول الحق
كان أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- دائماً مدافعاً عن الحق، ولم يكن يخشى في سبيل ذلك لومة لائم. في إحدى المرات، كان على خلاف مع أحد الحكام فقال له: “ما الذي يجعلك تفعل هذا؟” فرد عليه أبو أيوب: “لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات، فعندما يوافقك نوافقك، وإن خالفناه خالفناك”.