موقع بئر يوسف
تعددت الآراء العلمية حول الموقع المحتمل للبئر الذي أُلقي فيه يوسف -عليه السلام-. يعتقد البعض أن هذا البئر يقع في بيت المقدس، في حين يُشير آخرون إلى أنه في مدينة طبريا أو في المناطق الواقعة بالأردن. وتطرح بعض الروايات الاحتمال بأن البئر يقع بين أرض مدين وأرض مصر. ومن المثير للاهتمام أن هناك من يشير إلى أن الجُبَّ الذي أُلقي فيه يوسف يبعد حوالي ثلاثة فراسخ عن منزل أبيه يعقوب -عليه السلام-، الذي يقع في أرض كنعان، وذلك في نواحي الأردن. من جهة أخرى، يرجح بعض الباحثين أن البئر المشار إليه هو الموجود في قرية صفد بفلسطين، والذي يُعرف بشهرة كبيرة باسم بئر يوسف.
واقعة إلقاء يوسف في البئر
ما هي قصة إلقاء يوسف -عليه السلام- في البئر؟
كان يوسف -عليه السلام- يحظى بمكانة خاصة لدى والده يعقوب -عليه السلام-. وقد وُلد يوسف وأخوه بنيامين من زوجة يعقوب راحيل، التي تزوجها يعقوب بعد موت أختها. ومع الوقت، انتابت الغيرة نفوس إخوته، إذ شعروا بتفضيل والدهم لهما، مما جعلهم يتحدثون عن هذا التفضيل. قال الله -تعالى- في كتابه: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
لذلك، قرر إخوته التخلص منه، وتناقشوا حول الطريقة التي يمكنهم من خلالها تنفيذ خطتهم. فقد اتفقوا على رميه في قاع بئر دون أن يقتلوه، آملاً أن يأتي أحد المسافرين وينقله بعيداً، وبالتالي يبقى والدهم مع إخوته دون الالتفات ليوسف. فطلبوا من والدهم أن يأخذوا يوسف معهم للعب واللهو، لكن الأب عارض الفكرة في البداية خوفًا من أن يفقدوه أو يتعرض للأذى، لكنهم أقنعوه بأنهم سيعتنون به.
وعند وصولهم إلى وجهتهم، ألقوه في البئر وعادوا إلى والدهم مُتظاهرين بالحزن ليجعلوه غير مشكوك فيهم. ثم أحضروا قميصه ومزقوه وملؤوه بدم مصنوع لإيهام والدهم بأن الذئب قد أكله. ومع ذلك، لم يصدق والدهم روايتهم واحتفظ بتفويض أموره لله -تعالى-.
كيف نجا يوسف -عليه السلام- من البئر؟
ظل يوسف -عليه السلام- في قاع البئر لفترة من الزمن، وكان إخوته يزورون البئر بين الحين والآخر. وفي تلك الأثناء، كانت هناك قافلة قادمة من أرض مدين متجهة إلى مصر. فأرسلوا أحدهم لجلب الماء من البئر، وعندما نزل دلوه، تعلق يوسف -عليه السلام- بالدلو وخرج منه. ففرح الرجل عندما رأى الصبي، وقد ذكر الله -تعالى- في هذا السياق: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً).
لكن إخوته أسرعوا وأقاموا بالاستحواذ عليه، ورغبوا في بيعه للرجل بثمن بخس. فتم شراء يوسف منهم، ثم أخفاه الرجل عن باقي أفراد القافلة مع بضاعته. وعندما وصل إلى مصر، باعوه لعزيز مصر، الذي أوصى زوجته بالعناية به ليكون لهم عونًا. وقد جاء في كتاب الله: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).